عندما أنهيت قراءة هذا الجزء، حاولت تذكر الأحداث المبكرة منه، وبدا لي أنني بدأت قراءته في زمن آخر، الكتاب ملئ بالأحداث والشخصيات والتفاصيل الصغيرة المهمة، و برغم هذا الكم الضخم من التفاصيل لا يشعر القارئ بالحشو أو الاستطراد في السرد وإنما يكون مدفوع دفعاً لقراءة فصل بعد آخر لمعرفة الأحداث المنفصلة والمتماسكة في نفس الوقت، لا أعرف كيف استطاع جورج مارتن السيطرة على هذا العالم وعلى شخصياته. يبدو لي أنه من الطبيعي أن يفقد السيطرة أو أن هذا الإبداع قد حدث بسبب فقدانه السيطرة على ما يكتب
الجزء الأول من أغنية الجليد والنار (صراع العروش) يعتبر مقدمة بسيطة مقارنة بهذا الجزء (صدام الملوك) أو الأجزاء المقبلة من السلسلة، في هذا الجزء نشهد تطور على صعيد الشخصيات وبنائها الداخلي كما يوجد تطور في العلاقات الثنائية المميزة ما بين الشخصيات الرئيسية والثانوية، العلاقات التي تُبنى و تنحل ضمن سياق أحداث متصاعد (يوجد ثنائيات تم إختلاقها في المسلسل دون الكتاب وكان من المحبط أن لا أقرا عن هذه الثنائيات مثل ثنائية : تايون لانستر / أريا ستارك، سانسا ستارك / شاي، فاريس / بيتر بيلش) بالإضافة إلى التطور في أحداث القصة العامة لأغنية الجليد والنار، ومع إنتهاء هذا الجزء معالم القصة ما تزال غير واضحة بعد، هناك غموض في الأحداث، ودوافع الشخصيات والغموض سيستمر لنهاية القصة.
بعد موت الملك روبرت براثيون، ويد الملك ايدارد ستارك اندلعت حرب الملوك الخمس في الممالك السبع، وكل شخص منهم يرى أحقيته في الحكم، هناك فارق بين المسلسل والكتاب في رسم الشخصيات، وهذا الفارق يعطي كل من المسلسل والكتاب خصوصيته التي لا تنتقص من الأخرى، في المسلسل نجد الملوك الخمس في الغالب من الشخصيات الرئيسية، بينما في الكتاب جميعهم شخصيات ثانوية نادرأ نسمع حديثهم، ولا نقرأ أفكارهم الداخلية أبداً كما يحدث مع الشخصيات الرئيسية والتي اقتصرت على تسع شخصيات (أريا، سانسا، بران، جون، كاتلين، تيريون، ثيون، دانيريس، دافوس) من هذه الناحية المسلسل أنصف الشخصيات الثانوية المهمة مثل، تايون، جوفري، ستانيس، روب، في إظهار جوانب من شخصياتهم لن نقرأها في الكتب، بينما الشخصيات الرئيسية في الكتاب لديها عمق داخلي أكبر لم نلمسه في المسلسل، كاتلين ستارك كانت تتصرف في المسلسل بسلسلة من التصرفات الغبية بينما في الرواية تصرفاتها واقعية تماماً، أو على الأقل منطقية ضمن الحالة النفسية التي تحكمها، وهذه المنطقية الظرفية في بناء الشخصيات تدفع القارئ لإستيعاب الشخصية والتعاطف معها، كان فصل تحرير كاتلين ستارك لجيمي لانستر من أكثر فصول الكتاب تأثيراً عليّ كقارئة ( لن نعرف أنه حُرر إلا في الكتاب الثالث، عاصفة السيوف) هذا التعاطف و تفهم الشخصيات ينسحب على الكثير من شخصيات الرواية، كـ شخصية آريا ستارك، وثيون جريجوري، ربما سأتحدث بالتفصيل عن محورهما في الرواية في الأجزاء اللاحقة، لأن الشخصيات في الرواية تحتاج وقت للنضوج وإكتمال البناء الروائي لها ضمن سياق الأحداث.
محور دانيريس تارجاريان في ايسوس ما يزال هامشياً بإستثناء فصل زيارتها لمنزل اللاموتى في مدينة كارث، هذه الزيارة تشبه أحلام جوجن ريد (رفيق بران إلى ما وراء الجدار)، الأحلام التي تتحدث عن أحداث حصلت أو ستحصل في مستقبل الرواية، في الوقت الذي بدأ محور بران في وينترفل يأخذ أهميته بين الأحداث ، فصول براندن ستارك وما تحتويه من غموض عرض بطريقة مغايرة لما عُرض في المسلسل، هذا الإختلاف ما بين المسلسل والكتاب هو الذي كان يدفعني دفعا لالتهام الكتاب، بالإضافة لفصول تيريون لانستير في كينغز لاندينغ و حكمه كيد للملك في حرب الملوك الخمسة، والمناورات المستمرة والممتعة بينه وبين سيرسي لانستر، هناك عالم كامل من العلاقات الإنسانية المعقدة والمشاعر المتناقضة التي تحكم الشخصيات.
ينتهي الكتاب وحرب الملوك الخمسة لم تنتهي، وحروب ويستروس ربما لن تنتهي حتى مع انتهاء السلسلة.
- الحصول على الرابط
- بريد إلكتروني
- التطبيقات الأخرى
التسميات
روايات
التسميات:
روايات
- الحصول على الرابط
- بريد إلكتروني
- التطبيقات الأخرى
تعليقات
إرسال تعليق